الجرعة والتوسع الحوثي

‏  5 دقائق للقراءة        954    كلمة

مروان ح

الجرعة والتوسع الحوثي

مروان حليصي

في اللحظة التي تنصلت فيها الأحزاب السياسية والقوى والأطراف الموقعة على المبادرة الخليجية عن مطالب جماهيرها وقواعدها الشعبية الهادفة التي يتفق عليها أغلبية ساحقه من الشعب وباختلاف انتماءاتهم الحزبية وطرق تفكيرهم وتباين رؤيتهم للواقع ألا أنهم اتفقوا حول مسألة تغيير الحكومة الحالية واستبدالها بحكومة أخرى يكون انتمائها للوطن تعمل على معالجه مشاكل الشعب وتعنى بقضاياهم أولا بأول ويفضل أن تكون حكومة تكنوقراط بعيدا عن المحاصصة الحزبية لكون المهام جسيمة التي تنتظرها وأي تأثير حزبي عليها من أي طرف سيعوق عملها بالتأكيد ،  وعلى الرغم من صعوبة ورود هذا الخيار إلا انه أصبحت هنالك قناعه لدى عامة الشعب بعدمية جدوى حكومة باسندوه التي أظهرت فشلها الذريع في كل شيء بل أنها شجعت على الفساد وساهمت في تبديد المال العام عبر الصفقات المشبوهة  وحياة البذخ والرفاهية التي عاشتها من شراء للسيارات الفارهه والسفريات الخارجية دون جدوى و وتجنيدها لأكثر من مائه ألف جندي لا يتقن الكثير منهم التدريبات العسكرية والقتالية التي يستلزم أن يجتازوها أسوة بزملائهم في الوحدات العسكرية وغير ذلك  موصلة الاقتصاد في النهاية إلى شفير الهاوية وعندها لجئت لخنق الشعب عبر إقرارها الجرعة رسميا عشيه الفطر المبارك على رغم إدراكها بأن المواطن يكاد يجد قوت يومه له ولأسرته في ظل هذا الوضع وأن أي جرعه تعتبر ظالمه وغير منصفه ولن تعود على المواطن بشيء سوى إنهاكه أكثر فأكثر وتحميله ما لا يطيق في ظل وضع كهذا يعيشه الشعب ويتجرع المعاناة بمختلف جوانب الحياة . فكل المواطنين على إجماع بصعوبة المرحلة التي تمر بها البلاد والمرحلة الحرجة التي يمر بها اقتصادنا الوطني واحتماليه تدهور عملتنا إلا أنهم لا يجدون مبررا للدولة في عدم اتخاذها العديد من الإجراءات الكفيلة بحل المشكلة الاقتصادية من خلال القيام بالعديد من العمليات واتخاذ الكثير من الإجراءات الكفيلة بالحد من وطأة المشكلة  وتخفيف منها كأن يتم تنفيذ خطه معينه تهدف إلى محاربه الفساد أو التخفيف منه في كل مفاصل الدولة من الوزارات والمؤسسات ألإيراديه والمنافذ الجمركية ومنها استكمال تطبيق نظام البصمة على أفراد المؤسسة الأمنية والعسكرية كافه لإيقاف مرتبات الأسماء الوهمية وتوريد تلك المبالغ لخزينة الدولة ومكافحة التهرب الضريبي والجمركي وغير ذلك من الإجراءات بدلا عن تسلقها للجدار الأقصر متمثلا بالعشب لحل المشكلة.

وكلنا يعرف بأن ما ستدخره الدولة من أموال نتيجة تحريرها لأسعار المشتقات النفطية و التوقف عن دعمها لن يعود على الاقتصاد بالنفع بل أن المردودات ستذهب لعصابات الفساد لطالما ضلت موجودة حكومة كحكومتنا الحالية التي أزدهر فيها الفساد بشكل كبير إلى الحد الذي لا يجوز التغاضي عنة، وحتى لو قرروا على الشعب ألف جرعه وجرعه فلن تحل المشكلة بشكل كامل بل أنها ستعمل على حفظ ما الوجه للدولة مؤقتا من الفشل المحتم والوقوع في شرك الانهيار الاقتصادي وتدهور العملة.

 وفي تلك اللحظة التي اتفقت فيها الأطراف الموقعة على المبادرة الخليجية على  تمرير الجرعة ووقف الحشد الإعلامي ضدها وضد تغيير الحكومة جاعلة تلك الأطراف  لجماهيرها وقواعدها الشعبية تكبد المعاناة وتحمل وزر فشل الحكومة وتاركه إياهم و بقية أبناء الوطن لخياراتهم في التعبير عن رفضهم لتلك  الجرعة والتي لم تتعدى الصمت بعد أن أنهكته الطوابير بحثا عن دبه بترول أو ديزل علاوة على خوفهم على حياتهم بعد أن لقي الكثير حتفهم في سبيل ذلك ليتخلى غالبية الشعب عن فكره رفضهم للجرعة عبر الشارع بشكل كامل و استسلامه لدفع فاتورة فساد النخبة وفشل الحكومة لطالما وأن ساسة البلد قد سبقوه في الصمت على ذلك وبالتالي تكون كافه أطراف المبادرة الخليجية قد تركوا حمل راية المعارضة ضد الحكومة وسياستها واستمرارها لطرف جماعة أنصار الله التي أتت مزهوة بانتصاراتها التي حققتها في عمران وتطالب بما يكبته الشعب من مطالب وبغض النظر عن الأهداف الأخرى التي تسعى لها الجماعة ألا إن كثير من المواطنين وجدوا أن الحوثي أقرب لهم من الدولة وأنه بينهم وبينه قواسم مشتركه بل وأن مطالبته الدولة بإلغاء الجرعة وتغيير الحكومة هو تعبير عنهم وعن مطالبهم وبغض النظر عن احتمالية استغلاله لحاجه المواطنين لتحقيق مطالبة التي لم تعد خافية على أحد ، وقد يقول البعض بأن لدى الحوثي أهداف أخرى ومشروع أخر فنقول لهم إشراكه في الحياة السياسية لا يعني إيصاله إلى ذلك الهدف بقدر تحجيمه في التوسع بقوه السلاح وعدوه اللدود حزب الإصلاح وحلفائه من المشائخ القبليين والقادة العسكريين اكبر من خدم وسهل له في هذا الجانب ، فإشراكه في الحياه يعني وضعه في موقع المسؤولية إلى جانب القوى السياسية الأخرى وبالتالي  وضعه في موضع يسهل الضغط علية في أي لحظة .

وما أربك الدولة وجعلها تتخبط من مكان إلى أخر هو صوابيه ومنطقية وعدالة مطالب تغيير الحكومة وإلغاء الجرعة لكونها مطالب شعبية علاوة على مطالب جماعة الحوثي بإشراكها في الحياة السياسية وهذا الأخير طبيعي وقد أصبحت جماعة أنصار الله أحد اللاعبين الأساسين على الساحة ولا يجوز تجاوزها لطالما وأن تواجدها يمتد على معظم مناطق الجمهورية علاوة على عوامل أخرى من حجم ترسانتها من الأسلحة التي تمتلكها منذ حربها مع الدولة وكميات الأسلحة التي جنتها بعد كل حرب خاضتها ضد الإصلاحيين وحجم الانتصارات التي حقنتها في حروبها تلك وأخرها عمران وكل تلك العوامل كفيلة بجعل الدولة ترضخ لمطالبها وبغض النظر عن أسلوب التهديد بالتصعيد ونصب الخيام أمام الوزارات والقيام بالمظاهرات وتطويق العاصمة صنعاء من قبل جماعة أنصار الله يبقى أمام الدولة خيارات محدودة وحساسة ، فقبول الدولة بمطالب الحوثيين وخاصة  فيما يتعلق بإلغاء الجرعة كاملة وهو خيار غير وارد لما سيترتب علية من أثار على الاقتصاد في ضل عدم توافر خيارات وحلول أخرى فضلا على اعتبار ذلك كسر لإرادة الدولة ودعوة غير مباشره للشعب للالتحاق بالحوثيين  وإعلاء هيمنة الحوثي على الساحة (إخلال بتوازن القوى) وبالتالي تقديم البلاد على طبق من ذهب – أو رفض الدولة لمطالب الحوثيين وهو بداية لدخول البلد في أتون حرب أهلية لا تبقي ولا تذر وبدء مرحلة تصفية حسابات وانزلاق البلاد في نفق مظلم لن ترى النور بعده ،  ولكن وحسب ضني فلا الأول ستقبل به الدولة ولا هو ما سيكون ولا الثاني هو ما نتوقعه في ضل وجود قيادة حكيمة تقود البلد بكل حنكة واقتدار فنسأل الله أن يجنب اليمن وأهلة كل مكروه.

عن arafat

شاهد أيضاً

شخصية العام 2023 😍

‏‏  2 دقائق للقراءة        370    كلمة الحديدة نيوز / كتب / وليدالحليصي ذهب العام 2023 بكل …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *