أخبار عاجلة

القضية التهامية .. التمرد على الصورة النمطية

‏  5 دقائق للقراءة        995    كلمة

 

 

القضية التهامية .. التمرد على الصورة النمطية

بقلم /علوان الجيلاني :
تذمر أهل تهامة.. سيتحول قريباً جداً.. الى تمرد مسلح يضع اليمن أمام مأزق جديد أنا لا أدعو الى هذا.. ولا أتمناه.. ولا أظن عاقلاً يدعو اليه أو يتمناه.. ولكنني أتوقعه ولكثرة ما يلح على هاجسه أكاد أراه وأحسه أحداثاً دامية تندلع في كل مكان.. وتحرق الأخضر واليابس وتحول الانسان التهامي الطيب المسالم المتمدن الى آخر لم نكن نتخيله
سيكون غبياً من يسخر من هذا الكلام.. ويعتبره مجرد خيال لا واقع له..!!
فلكل شعب من الشعوب.. وكل مجتمع على وجه الأرض.. كما لكل انسان طاقة تحمل مهما عظمت فإن لها وقتاً تنفجر فيه .. وقد تجاوز صبر التهاميين حدوده منذ زمن طويل
أمام أعينهم تآكل دورهم الاجتماعي.. وسقط تأثيرهم السياسي.. وتلاشى حضورهم الثقافي.. وذهب تاريخهم في النسيان افتقدوا اهميتهم الاقتصادية بسيطرة عتاولة الفساد والنهب في رأس السلطة.. على بر تهامة وبحرها وجبلها وديانها.. وحوازها وخبوتها….
انقرض كل شيء ولم يبق من شيء سوى أجساد متعبة.. وجيوب خاوية.. ووجود ممسوس بالقهر والخذلان والتخلف والجهل والتهميش.. محاصر بقوى تنهب.. بلا رقيب ولا حسيب
زاد الطين بلة في الآونة الأخيرة… حين فوجئ التهاميون أن الاحداث التي شهدتها اليمن وعلى رأسها ثورة الشباب السلمية.. قد خلخلت أشياء كثيرة على طول البلاد وعرضها – ولو الى حد ما – وأخافت شياطين البغي والفساد والنهب والعدوان وعقليات التهميش في أماكن كثيرة في اليمن – ما عدا تهامة .. التي كان نصيبها على النقيض من كل ذلك.
فقد كانت تلك الأحداث فرصة ذهبية لنهب ما تبقى من أرضها وثروتها.. وكم كان مذهلاً أن يغزو أساطين النهب تهامة بشكل أكثف من أي وقت مضى.. وأن نتقاتل مليشياتهم نهاراً جهاراً على أراضي أهل تهامة أمام أعين أهل تهامة.. وأن يصيب رصاصهم الطائش أهل تهامة…. وأن يحدث كل ذلك في وضح النهار بدون مواربة وعلى عينك يا ذليل
كان ذلك يحدث في الوقت الذي كانت فيه عقلية التهميش والاقصاء تستغل الفرصة أيضاً .. تبالغ في اقصائهم عن كل الترتيبات التي تجري حثيثاً على امتداد الوطن فترتيباتهم – على مساوئها وعيوبها وما يتحلى فيها من بيع لسيادة الوطن.. وتشويه لتضحيات ابنائه واستهانة بتاريخه العظيم – الا انها مع ذلك تخص التهاميين وحدهم بمزيد من التهميش والاقصاء.. فلا حضور لهم في المناصب ولا في التعيينات ولا مكان لهم في المشورة ولا في الحوار
ما يجب أن نفهمه هو أن عقلية الاقصاء والتهميش والنهب تتكئ على مرجعية تكاد تكون شعبية.. فهي تنبع من الصور النمطية التي انتجها سلوك ابناء تهامة المستسلم المهادن الموكل… الذي يقرر له الآخرون ما يشاءون ويقدرون له ما يريدون له ويظنون انه يليقوا به…. وعليه هو أن يتقبل وحسب بتلع
الصور النمطية المتعلقة بأهل تهامة.. بالغة الوضوح والفجاجة.. ليس عند الأنظمة التي حكمتهم وحدها.. بل عند اخوانهم في الوطن.. من كل أنحائه.. أكثر من ذلك بين مثقفين أكاديميين ومبدعين وصحفيين… حتى بين شباب الساحات الذين يبدون أكثر عدالة وانصافاً وانسانية وتحرراً من المفاهيم العنصرية والنظرة القبلية وإعادة انتاج الرؤى السلبية.. فغالباً ما تجد من يفكرون في تهامة أو يتحدثون عنها يفعلون ذلك تجدها من خلال تصوراتهم عنها وصورها النمطية المختزنة في ذهنياتهم – مثلاً: يتحدث أحدهم في ندوة ذات طابع سياسي ثقافي تاريخي وفي نفس سياق المثاقفات والحوارات التي خلقتها الساحات….
يتناول ذلك المتحدث المعادلة اليمنية.. مستقصياً أطرافها في جميع أرجاء الوطن.. دون أن تخطر له تهامة وأهلها على بال. لا من خلال الماضي ولا من خلال الحاضر أو المستقبل.. وحين تذكره بها.. يجيبك بجملة واحدة مثبته وقطعية.. (هم مساكين)

(هم مساكين) واحدة من الصور النمطية التي طالما كانت مبرراً لتجاهل هذا الجزء من الشعب اليمني.. كما كانت مشجعاً للاعتداء على حقوق أبنائه مادياً ومعنوياً وهي حاضرة دائماً في ذهنية منظومة الحكم ونافذيها وباسمها وغيرها من الصور النمطية الرديفة حدث لتهامة وأهلها ما حدث.
وبمثل ما كانت تلك الصورة النمطية حاضرة في أذهان حكام اليمن السابقين.. كانت حاضرة أيضاً في ذهنية هادي رغم كل المتغيرات التي أنتجتها ثورة الشباب السلمية ورغم كل ما تشهده تهامة اليوم من احتقان يوشك على الانفجار..
كانت الصورة النمطية لأهل تهامة حاضرة في ذهنه وهو يجهز مع سائر القوى السياسية للحوار المنتظر.. وكانت حاضرة في ذهنه وهو يعيد إنتاج أساليب النظام السابق في اختيار مستشاريه.. وكانت حاضرة في ذهنه وهو يراقب صراع قوى الفساد والنهب على منصب المحافظ والأجهزة الهامة في تهامة .. وأهلها ينظرون…!
لقد صار أهل تهامة على قدر كبير من الوعي بما فعلته بهم تلك الصورة النمطية.. وهم يعترفون بمساهمتهم في تكوينها من خلال السكوت عنها وعن مفاعليها طيلة العقود الماضية.
وبديهي أن فوران الحالة التهامية اليوم هو في جزء كبير منه ثورة على تلك الصورة النمطية.. غير أن الخطر يتمثل في كون منظومة الحكم الفاسدة ونافذيها لم تشعر بذلك حتى الآن.. أو بالأصح.. لا تريد أن تشعر بذلك وهو أمر ينذر بكارثة محققة .
فحين يتحول تذمر أهل تهامة الى انفجار.. فإنه سيكون انفجاراً صعباً قاسياً وعنيفاً بمقدار ما تجرعوه من ذل وكسر وإقصاء وتهميش وتجويع وحرمان ومهانة….
حينها فقط “سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون

عن gamdan

شاهد أيضاً

د داغس :  نهر من العطاء ، ورجل لا يعرف المستحيل ..

‏‏  4 دقائق للقراءة        623    كلمة الحديدة نيوز / كتب / علي وليد غالب هناك أشخاص …

2 تعليقان

  1. استاذ جيلان حالتنا حالة نحن سبب كل ماحصل بنا وعلينا وحدنا يصدق قول الشاعر:

    لو كنتُ من مازن لم تستَبح إبلي

    بنو اللقيطة من ذهل بن شيبانا

    إذاً لقام بنصري معشَرٌ خُشُن

    عند الحفيظة إن ذو لوثة لانا

    قوم إذا الشرُّ أبدى ناجذيه لهم

    طاروا إليه زرافاتٍ ووحدانا

    لا يسألون أخاهُم حين يندُبُهم

    في النائبات على ما قال برهانا

    لكنّ قومي وإن كانوا ذوي عددٍ

    ليسوا من الشرِّ في شيءٍ وإن هانا

    يجزون من ظلم أهل الظلم مغفرةً

    ومن إساءة أهل السوء إحسانا

    كأن ربك لم يخلُق لخشيتهِ

    سواهُم من جميع الناس إنسانا

    فليت لي بهم قوماً إذا ركبوا

    شدّوا الإغارة فرسانا وركبانا

  2. أعجبت بالطرح الاثاري ولا أستبعد أن يحدث توقعات الكاتب رغم تشاءم المعلق سالم اللهم احفظ تهامة واهلها

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *